منتديات عطر الرافدين
مرحبا بك في منتديات عطر الرافدين
عزيزي الزائر ان كنت عضوا معنا في المنتدى فاننا
ندعوك للدخول و المساهمة و ان كنت زائرا فاننا ندعوك الى الانظمام الى
اسرة المنتدى و التسجيل فيه
شكرا
ادارة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عطر الرافدين
مرحبا بك في منتديات عطر الرافدين
عزيزي الزائر ان كنت عضوا معنا في المنتدى فاننا
ندعوك للدخول و المساهمة و ان كنت زائرا فاننا ندعوك الى الانظمام الى
اسرة المنتدى و التسجيل فيه
شكرا
ادارة المنتدى
منتديات عطر الرافدين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شعرنا القديم والنقد الحديث

اذهب الى الأسفل

شعرنا القديم والنقد الحديث Empty شعرنا القديم والنقد الحديث

مُساهمة من طرف عفاف الوادي الخميس ديسمبر 10, 2009 9:08 pm

شعرنا القديم والنقد الحديث


بالرغم من تعدد الدراسات والمؤلفات النقدية المعاصرة، حول قضايا الشعر العربي ونقده، فيما يتعلق بالكتابات «الأكاديمية» التطبيقية لما يسمى بشعر الحداثة ونقاده ونخص بالذكر – على سبيل المثال- كتابين صدرا حديثاً لناقدين مصريين أولهما «لسانيات الاختلاف» للدكتور محمد الجزار، وثانيهما «تقابلات الحداثة في شعر السبعينات» للدكتور محمد عبد المطلب.
أقول: بالرغم من تلك الدراسات التي تحتفي –لغرض أو لآخر- بـ«النقد» وتنظير تجربة الحداثة وشعرائها المعاصرين، إلا أن صدور كتاب بعنوان (شعرنا القديم والنقدالجديد) للدكتور وهب أحمد رومية، أستاذ الأدب القديم بجامعة دمشق، ضمن سلسلة «عالم المعرفة» في مارس 1996، جدير بأن يثير نقاشاً واسعاً وجدالاً حاداً يصل إلى حد كشف زيف تلك المذاهب النقدية المعاصرة، بل يقدم المؤلف – في هذا الصدد- مزيداً من الأدلة والحجج والبراهين العلمية الموضوعية التي تذهب إلى اعتبار «النقد المعاصر» نقداص مأزوماً على الرغم من الضجيج بل الثرثرة الإعلامية التي تثار حول أصحابه الذين امتلأ منهجهم النقدي «إياه» بروح «النخبة» وزها بشعور الاستعلاء الارستقراطي. أولئك الذين كتبوا نقداً يحار فيه المتلقي، فلا يستطيع رده إلى علم منضبط الأصول والإجراءات، ولا يستطيع رده إلى مذهب نقدي بعينه (على حد تعبير د. وهب رومية في مقدمته).
الكتاب وموضوعه:
من هنا تبدو أهمية تقديم «عرض ودراسة وتحليل» مضامين هذا الكتاب، الذي ندرك مدى الجهد العلمي الشاق الذي بذله مؤلفه لكي يصل –في نهايته- إلى صدق اختيار فرضين علميين طرحهما في البداية، يتصل أولهما بالنقد العربي المعاصر، ويتصل الآخر بالشعر العربي القديم.
يقسم المؤلف كتابه إلى بابين كبيرين، يخصص الباب الأول عن (الحداثة المموهة) من خلال فصلين، يحاول الفصل الأول مناقشة العلاقة بين الشعر والنقد، بهدف الوصول للإجابة عن عدة تساؤلات تتعلق بكشف حقيقة الأزمة النقدية، أهي أزمة مجتمع، أم أزمة ثقافة، أم أزمة نقد، أما الفصل الثاني فيقدم فيه المؤلف «رؤية تقويمية» لموقف المدرسة الأسطورية من نقدها للشعر العربي القديم، ويعرض في هذا المضمار أهم الدراسات التي تناولت الشعر الجاهلي في ضوء هذا النقد وأبرز كتابه.
محاولات جديدة:
في الباب الثاني من الكتاب يقدم د.وهب رومية محاولا ت جديدة في تفسير شعرنا القديم، هادفاً من ذلك تفنيد زعم نقاد الحداثة بأن الشعر العربي القديم شعر غامض، فيقسمه إلى مدخل وفصلين، يعالج الفصل الأول رؤية الذات الشاعرة في القصيدة العربية القديمة، من خلال تقديم محاولات جديدة في دراسة عدد من النصوص الكاشفة عن هذه الرؤية لعدد من الشعراء كامرئ القيس، وعلقمة الفحل، والمتلمس الضبعي وآخرين.
كما يعالج الفصل الثاني «رؤية الكون» في القصيدة العربية حيث يقدم المؤلف (من واقع خبرته العلمية الطويلة) محاولات جديدة في دراسة عدد من النصوص الشعرية الكاشفة عن هذه الرؤية لعدد من الشعراء القدامي كالمسيب بن علس، والشماخ بن ضرار الذيباني، والنابغة الذبياني، وعبيد ابن الأبرص، وبعض شعراء هذيل وغيرهم. والكتاب يقع في حوالي (375 صفحة) من القطع المتوسط، وأنهى المؤلف كل فصل منه بقائمة المراجع المتضمنة (للهوامش).
الحداثة المموهة:
في الباب الأول تحت عنوان «الحداثة المموهة» يحاول المؤلف كشف النقاب عن حقيقة أو جوهر العلاقة بين الأدب القديم والنقد الجديد، فيقول: «لا أعرف عبارة يمكن أن نصف بها الثقافة العربية الراهنة أدق من قولنا: «إنها ثقافة مأزومة» ولا أعرف عبارة يمكن أن نصف بهامزاج عصرنا العربي الراهن أدق من عبارة د. شكري عياد إنه مزاج حاد جريح قوامه الإحساس العميق بالفجيعة والمرارة والحسرة»، ويستطرد: لقد انتفى من الحياة العربية أو اغترب على الأقل النبيل والسامي والجميل، وأوشك أن يشيع فيها المبتذل وشاعت روح التبرير المخادعة المنحطة وهي تتقنع بقناع الموضوعية، وترتدي لباس ربة الحكمة، وتنطق ظلماً وخداعاً باسم العقل والمنطق، وغابت أو حوصرت واتهمت روح التعليل المنصفة السامية التي تلتزم الموضوعية والعقل في قراءة الواقع وتحليل أنماط الخبرات فيه، والتي تقتضي قدراً غير يسير من التجرد من شوائب الذات ومصالحها الضيقة وطموحها غير المشروع، هكذا إذن تبدو الحياة العربية الراهنة، التي هي تعبيرعنها وجزء منها في آن، مأزومة الأخرى!
نظرة تشاؤمية:
والواقع أن هذه النظرة التشاومية المبثوثة في تلك السطور لا تأتي عند المؤلف من فراغ أو تعصب كما قد يظن ذلك بعض مخالفيه الرأي، وإنما يردها إلى أسباب كثيرة يتلخص فحواها فيما يعرف بالأوضاع السياسية العربية المعاصرة، أو ما يسميه المؤلف بتحلل الأمة إلى عناصرها الأولية من إقليمية وقبلية ومذهبية وطائفية...الخ.
وإذا كنا نعيش –إزاء هذا الوضع العربي المأساوي المعاصر أزمة في الحياة والثقافة معاً، فتبدو مشروعية التساؤل الذي يطرحه المؤلف: أين يقع النقد الأدبي من هذه الأزمة المركبة؟ الذي يبحث بدوره عن إجابة له في إطار هذاالتحليل، ومن ثم يقرر المؤلف أن المتتبع للحركة النقدية العربية المعاصرة يستطيع أن يرصد طائفة من الفروق التي تميزها من الحركة النقدية لدى نقاد الثلث الثاني من هذا القرن، والتي تتلخص في ثلاثة أمور:
أولها: أن نقاد الثلث الثاني من القرن كانوا مثقفين أولاً ونقاداً ثانياً، أما نقادنا المعاصرون –ما خلا الذين استمر عطاؤهم النقدي من الجيل السابق، فهم نقاد أولاً ومثقفون ثانياً! ولا يعني هذا التقديم تقسيم زائف بين الثقافة والنقد، كما يقول د. وهب رومية ولكنه يشير في ذلك إلى مشاركة الجيل السابق مشاركة فعالة واسعة في شئون المجتمع كلها، بما فيها النقد الأدبي. أما نقادنا المعاصرون فيغلب على جلهم التخصص، ولا يكادون يلتفتون إلى شؤون الأمة إلا بمقدار ما يصلهم النقد بها!
ثاني هذه الفروق: ديمقراطية نقاد الجيل السابق، على ما كان يخالط هذه الديمقراطية من عنف أحياناً وإرهاب جيل نقادنا المعاصرين الذين سلطوا على رقاب الناس سيف الحداثة، وكأن الجيل السابق لم يعرف التحديث ولا الحداثة، أو كأن هذه الحداثة أمر مكتمل واضح الحدود، وليست أمراً خلافياً تتفاوت فيه الآراء وتتباين وجهات النظر، فإذا نحن أمام حداثات شتى لا حداثة واحدة! وإن كان المؤلف يلتمس لهؤلاء النقاد بعض العذر لا كله، باعتبار أنهم أحد نتاج الوضع الثقافي والسياسي الذي هيمن على المجتمع العربي في النصف الثاني من هذا القرن.
أما ثالث هذه الفروق فهو طبيعة المعرفة النقدية وقلة أدواتها لدى الجيل الماضي إذا قيست بالمعرفة النقدية المعاصرة وأدواتها النثرية المرهفة، فقد تدفقت التيارات النقدية العالمية على نقادنا المعاصرين الذين أدهشهم التطور الهائل الذي أحرزته هذه التيارات في العالم، وهالهم مدى تخلف النقد العربي عن مسايرة المفاهيم النقدية العالمية حيناً، فأقبلوا على هذه التيارات يقترضون منها أو يتبنونها في غير حرج أو تقدير أو حساب!
ملامح النقد الجديد:
ولعل هذا ما حمل المؤلف على أن يقدم صورة لملامح النقد الجديد الذي تبرز أولاها في الاضطراب والارتجال، فالمعايير النقدية كما يقول د. وهب رومية تسوى على عجل، والنقاد ينقدون دون تريث أو أناة، فتضطرب بين أيديهم المناهج وتتداخل، وتتحول الثقافة النقدية إلى أشتات منهجية تكاد تستعصي على محاولة ردها إلى منهج بعينه أو مناهج متقاربة، حتى غلب على هذاالنقد في أرجاء واسعة الغموض والبلبلة والالتواء.. فإذا نحن أمام نقد أشد غموضاً من الآثار الإبداعية نفسها.
يخلص المؤلف من ذلك إلى التأكيد بأن الحداثة العربية قد أخففت في أن تكون عربية حقاً حين بهرتها الحداثة الغربية، وعجزت عن محاورتها فاستسلمت لها، وتبنت مفاهيمها، وجاهدت جهاداً محموماً للالتحاق بها، وعلت أصوات كثيرة تتحدث عن نقد معاصر لا عن نقد عربي معاصر!
ويذهب المؤلف إلى أن الذي ساعد على ذلك بعض منظري الحداثة أنفسهم، وبعض شعرائها أيضاً، وكذلك من خرج من تحت عباءتهم، إذ كان لهؤلاء جميعاً دور في تعميق الفجوة بين الشعر والمتلقي فمضوا ينظرون حتى جعلوا من النص الشعري كتابة «هيروغليفية» أو نصاً من نصوص التعمية لا يقوى على قراءته إلا النخبة المصطنعة الموهوبة ففتحوا بذلك الباب على مصراعيه أما ذوي المواهب الضئيلة الضحلة من النقاد والشعراء فاختلط الشعر باللاشعر، واختلط النقد بالتهويم والتجميد، حتى أن الشعر المكتوب بهذه اللغة غدا أشبه بما تنتجه صناعة التسلية، كما غاب عنهم أن الحديث عن أداة مقصودة لذاتها لا مرجعية لها في الواقع، لأنها قطعت كل صلة بتراثها- وهو ضرب من العبث وانحدار بالشعر معاً.
منظري الحداثة:
ولعل هذا الكلام ينطبق تماماً (فيما نرى) على ما يذهب إليه أحد منظري الحداثة ونقادها المعاصرين الأكاديميين في كتابه بعنوان (تقابلات الحداثة في شعر السبعينيات) حيث يقول في تعليقه على أحد تجارب أصحاب تيار الحداثة هؤلاء (... والحق أن النظر في هذا الديوان- قصائد للبعيد البعيد- قد أكد رحابة الوعي في الشعرية وعمقه، كما أكد أهمية الرصد الشكلي لهذه الشعرية، أو لنقل إن شعرية وليد منير صاحب الديوان تسعى إلىالتوصيل وعدم التوصيل معاً. ذلك لأنها تستحضر متلقيها إلى رحابها، لكنها تتعالى عليه باستخدام الإشارات والرموز والاسقاطات مما يدفعه إلى نوع من التأمل الذي يصله بنواتج الخطاب جملة) يقول الناقد لنفسه أن ضبابية تجربة الحداثيين الشعرية تغطي مساحة الخطاب الشعري الحداثي، حيث تفتقد فيه الإشارات التوضيحية، ورغم ذلك كله، يطالب المتلقي بأن يخلق لنفسه إشاراته التي تقوده إلى مناطق الثقل الدلالي أو إلى المفاتيح التي تيسر له الإيغال في الخطاب الشعري الحداثي للكشف عن نواتجه الدلالية!
بل الغريب حقاً أن نقرأ اعترافاً صريحاً لهذا الناقد لا يخلو من التناقض الواضح، حيث يقول: (إننا لا نشك في امتلاء الخطاب الشعري الحداثي بكمّ وافر من العتمة، لكنها (عتمة مضيئة) إن صح التعبير، أو لنقل إنها عتمة شبيهة بما عليه مصباح الفلاسفة، فهو لا يضي لنفسه، وإنما يضيء للآخرين.
وهنا يكون الحق مع المؤلف د. رومية حينما يؤكد أن قارئ النقد العربي الراهن يعرف ما يعتري لغة هذا النقد الحداثي طبعاً من برودة وغثاثة وفتور يكاد ينقلب إلى كزازة (شيء مقرف) فليس فيه رشاقة القول ولا توهج الإحساس ولا جمال الأدب أو بلاغة التعبير، بل هو نقد سلب حرارة الموقف.
المدرسة الأسطورية ونقد الشعر القديم:
في الفصل الثاني من الباب الأول من الكتاب يقررالمؤلف وهو يقدم رؤية تقويمية لموقف المدرسة الأسطورية من نقد شعرنا القديم إنه ليس من حق أحد أن يفرض على النص الأدبي قراءة واحدة زاعماً أنها جمعت كل ما في النص، وكل ما يمكن أن يقال فيه، إن مثل هذا الاتجاه في النقدالأدبي لا يعني سوى شيئ واحد هو موت النص، ومن ثم يشير إلى تعدد مناهج نقد النص الأدبي «الجاهلي» ولقد كان المنهج الأسطوري في تفسير الأدب –قديمه وحديثه- واحداً من هذه الاتجاهات النقدية المتدافعة التي تضطرب فيها حركة التجريب النقدي الراهنة- ثم جاء عصر جديد هو عصر نظرية «النص» على اختلاف المصطلحات والتسميات، وكان الاتجاه الأسطوري واحداً من هذه النظريات التي جعلت النص محور اهتمامها. وقد بدأ هذا الاتجاه في تفسير الشعر العربي عندنا متأخراً عن بدايته في المجتمع الأوروبي.
تحليل نقدي:
نلاحظ بوضوح أن بقية صفحات هذا الفصل هي بمثابة عرض تحليلي نقدي موجز يتناول فيه المؤلف بعضاً من تلك الدراسات أو النماذج بادئاً بكتاب «الصورة الفنية في الشعر الجاهلي، للدكتور نصرت عبدالرحمن حيث أورد عدة ملاحظات تتصل بالفرض الذي أقام عليه د. نصرت دراسة هذا الشعر العربي، وأشار المؤلف إلى أن افتراض «الدين» منبعاً وحيداً للشعر قضية لا تخلو من مبالغة مسرفة وخلل بيّن. ومن ثم يطالب المؤلف بأنه- إذا أردنا أن نقرأ هذا الشعرالجاهلي قراءة سديدة، يجب أن نستحضر تصور أهل الجاهلية للمعاني وطرائقهم في التعبير عنها... ثم يستطرد على منهجه التحليلي النقدي نفسه فيعرض لدراسة الدكتور «علي البطل» عن الصورة في الشعر العربي.
كذلك دراسة الدكتور إبراهيم عبدالرحمن عن الشعر الجاهلي إذ يعتبره المؤلف أبرز أصحاب هذا الاتجاه في تفسير شعرنا القديم وأكثرهم معرفة بالحدود التي ينبغي أن تميز الشعر من الواقع، حيث يضع د. إبرهيم منهجاً لقراءة هذا الشعر يقوم عنصره الأول على الاعتقاد بأن جوهر العمل الشعري ينبع في الحقيقة من التآلف الذي يقيمه الشاعر بين حقيقتين متقابلتين الأولى: أن واقع الشعر متميز عن واقع الحياة، والثانية أن الشعر تعبير عن هذا الواقع، أو قل إنه رؤية له.
ومع ذلك يرى المؤلف في ختام حديثه عن دراسة د. إبراهيم عبد الرحمن أنه يوشك أن يتنكب السبيل التي سواها بكلتا يديه، فإذا هو يفسر هذا الشعر الجاهلي تفسيراً أسطورياً لا تكاد تربطه بالحياةى والمجتمع سوى روابط واهية، لست أكتمك أنني أحس قدراً من الخلخلة يعتري هذه الجهود الممتازة التي بذلها د. إبراهيم أو قل شيئاً من الاضطراب وعدم الاتساق.
ويواصل المؤلف منهجه التحليلي النقدي على امتدد صفحات هذا الفصل، فيشير إلى دراسة د. أحمد كمال زكي ومذهبه في التفسير الأسطوري وهو مذهب لا يوافقه عليه، ثم يعرض ناقداً لدراسة د. عبدالقادر الرباعي المعنى بالصورة في الشعر الجاهلي ثم دراسة د. مصطفى الشورى بعنوان «الشعر الجاهلي: تفسير أسطوري». وقد وصف د. رومية هذه الدراسة بعبارة وجيزة قائلاً: لقد أراد كما هو واضح من العنوان أن يحمل حملاً ثقيلاً على مطية هزيلة) وتلك لعمري عبارة ناقدة لاذعة بليغة بالطبع.
نتائج وأحكام:
يختتم د. وهب رومية هذا الفصل بجملة من الأحكام والنتائج التي تتعلق بأصحاب تلك الدراسات النقدية، حيث يظهر بوضوح من تتبع هذا النقد –كما بدا لغيره- أنه نقد من خارج النص، فهو لا يدرس الشعر، بل يبحث عن مصدره الخارجي ومادته الخام. ويزداد النظر انحرافاً حين يرى مصدراً وحيداً لهذا الشعر هو الأساطير الدينية، وهكذا تغيب أركان الظاهرة الأدبية الأخرى، ويتحول النقد كما يقول المؤلف «على ملحق هزيل بعلم الأنثروبولجيا، فإذا سألت عن نشاط اللغة الخلاق، وعن جماليات العمل الشعري وعن بنية القول الشعري الخاصة المميزة لقول شعري من قول شعري آخر، أو عن وظائف اللغة المختلفة لم تظفر بشيء أي شيء!
رؤية الذات:
أما الباب الثاني من الكتاب فقد خصصه المؤلف للحديث عن موضوعين، أو بالأحرى رؤيتين تدخلان ضمن المحاولات الجديدة التي يسعى إلى تقديمها، على امتداد صفحات هذا الباب في تفسير شعرنا القديم. حيث يعرض في الفصل الأول لما يسميه «رؤية الذات في القصيدة العربية» و»رؤية الكون» في ذات القصيدة أيضاً، وسبق ذلك «بمدخل» بعنوان «أغراض ورموز» أشار فيه إلى أنه لكي نفسر بالنظر على ظاهر الشعر وحده لا بد لنا –إذا أردنا أن نصطنع الجد في أمر الشعر- من أن نكشف عن بنيته التي تجسد رؤيته وتصدر عنها في الوقت نفسه.
فكل نص ينمو عن «طريق المماثلة والتفارق والتضاد» وتحت تحكم عمليتين هما: البساطة البنيوية والتعقيد المنظم أو السكون والدينامية (الحركية) أو التوازن واللاتوازن، أو الانفتاح والانغلاق، أو الاستقرار والتكون التشكيلي، ولكن هذه البنية ليست بنية معزولة، بل هي عنصر في بنية أكبر منها. والظاهرة الأدبية ليست ظاهرة لها خصوصيتها النوعية. ومن ثم لا بد من إقامة الصلة بينهما وبين البنى الثقافية والاجتماعية الأخرى. ولا ريب في أن هذا النقد الذي نرجوه ونطمح إليه هو «علم» لا يبدأ من روح الفن.
دفاع المؤلف:
أما بالنسبة لرؤية الذات في القصيدة فيشعر القارئ لهذا الفصل بدفاع المؤلف القوي، بل إصراره الواضح على استخدام هذا «المصطلح» من خلال ما يسوقه من أدلة وأسباب يعزز بها رأيه في هذا الصدد، حيث يقرر أنه لم يكن العدول إلى مصطلح «رؤية الذات» رغبة في «الدقة» وحرصاً عليها. بل إنه يذهب إلى أن المصطلح جدير به أن يعيد النظر في القصيدة العربية القديمة، لا أن يصنف ما قيل عنها، فهمه أن يؤسس نظرة جديدة إلى هذه القصيدة تختلف عن ضرائرها السابقات.
في ضوء هذا التصور الذي طرحه الدكتور وهب رومية للشعر والشعراء عامة، ولشعرنا القديم خاصة، بهدف الكشف عن رؤية الذات الشاعرة نفسها في علاقتها بالموضوع، سواء أكان هذا الموضوع إنساناً أم حيواناً أم مكاناً أم زماناً، راح المؤلف يقسم حديثه في هذا الفصل إلى قسمين تناول في أولهما بالتحيل والتفسير نصوصاً شعرية تبدو في تدفق عاطفي سيال تتداخل فيه حدود الزمن أو تتلاشى، وخلص المؤلف –في نهاية كتابه هذا- إلى تقرير حقيقة علمية نقدية متعمقة، ومتميزة في نفسه الوقت، فقد تبين له –بعد طول نظر وروية في شعرنا العربي القديم- أن رؤية الذات الشاعرة- تنتشر في أودية هذا الشعر وشعابه، ولا يقتصر ظهورها على ما عرف بمصطلح «المقدمة» عند الباحثين، كما انتهى به البحث أيضاً إلى أن هذه «الرؤية» رؤية مراوغة ترامقنا النظر حيناً وتخاتلنا أحياناً، وتتلفع بغموض الشعر معظم الأحيان! كما انتهى المؤلف بعد حديثه الطويل في الفصل الثاني والأخير من الكتاب عن «رؤية الكون» في القصيدة العربية وإلى أن هذه الرؤية أشد معاسرة (من العسر والصعوبة) غموضاً، ولكنها بل ولذا- فهي أعظم فتنة وأوغل تأثيراً، في القلب وليست تظهر هذه الرؤية في طرف من أطراف هذاالشعر، كما تظهر في تلك الموضوعات الشعرية الوعرة التي تلتوي دونها الدروب، ويكثر فيها العثار، فإذا ما صبرت النفس وأخذتها بالزمام انطلقت هذه الموضوعات في فضاء الروح كسرب من الحمام يرفّ ويعلو!!
عفاف الوادي
عفاف الوادي

انثى
عدد المساهمات : 26
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/11/2009
العمر : 37
الموقع : منتديات عطر الرافدين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى